وشكلت الفترة ما
بين الثورتين : الثورة الديمقراطية البرجوازية في 1905 والثورة البروليتاريا في أكثوبر
1917 فترة الفصل بين الأزمة الفكرية للبورجوازية الصغيرة "المثقفة" التي
تقودها التحريفية الانتهازية والنضال الثوري البروليتاري بقيادة البلاشفة.
وقاد نضالا مريرا
ضد التحريفية في الأممية الثانية وداخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي، واستفاد
كثيرا في الثورة الأولى بروسيا في 1905 لترسيخ نظرية الحزب الثوري بعد انقسام الحزب
الاشتراكي الديمقراطي الروسي إلى بلاشفة ومناشفة، حيث تراجعت جميع الأحزاب عن النضال
الثوري بعد هزيمة الثورة إلا الحزب البلشفي الذي صمد في وجه قمع القيصرية للمناضلين
الثوريين، في الوقت الذي ساد فيه التراجع عن المبادئ الثورية داخل جميع الأحزاب.
ديالكتيك الحزب،
الحرب وبناء الاقتصاد الاشتراكي
في مرحلة ما بعد
أزمة ثورة يعيش الفكر الذي ينبثق عن هذه الأزمة انحطاطا صارخا إلا الفكر الثوري. كما
قال لينين عن هذه الأزمة "ومحل السياسة حل الانحطاط والتفسخ والانشقاق والتشويش
والارتداد والخلاعة، واشتد الجنوح نحو المثالية الفلسفية، وغدا التصوف ستارا للنزعات
المعادية للثورة، بيد أن الهزيمة الكبيرة بالذات تعطي في الوقت نفسه الأحزاب الثورية
والطبقة الثورية درسا واقعيا من أنفع الدروس، درس الديالكتيك التاريخي، درس فهم النضال
السياسي والحذق في فن خوضه. إن الصديق وقت الضيق. والجيوش المهزومة تتعلم دائما بهمة
واجتهاد ". كتاب : المادية والمذهب النقدي التجريبي.
لقد تعلم لينين دروسا
عظيمة في فشل الثورة الأولى واستخلص منها عبرا عظيمة من أجل البناء الحقيقي للحزب الثوري
ورسخ أسسه النظرية، وذلك من خلال العلاقة الجدلية بين السرية والعلنية، بين العمل الثوري
للمحترفين الثوريين والعمل الجماهيري للمنظمات العمالية، وكانت نتائج هذه الثورة من
جهة أخرى عظيمة حيث أرغمت القيصرية على الاستعجال بالقضاء على جل مظاهر ما قبل الرأسمالية،
مما فرض البناء البورجوازي للدولة القيصرية الشيء الذي ساهم في إبراز الصراع الطبقي
بشكل واضح، وأول درس في الحرب مع البورجوازية استخلصه لينين هو كيف تعلمت البروليتاريا
قبل الثورة كيفية الهجوم وتعلمت بعد فشل الثورة كيفية التراجع الصحيح .يقول لينين
:" إنه يستحيل الانتصار بدون تعلم علم الهجوم الصحيح والتراجع الصحيح ."
كتاب : ضد الجمود العقائدي والانعزالية في الحركة العمالية.
وكان الحزب البلشفي
هو الوحيد الذي استطاع الخروج من هزيمة الثورة قويا عكس الأحزاب التي تقودها التحريفية
الانتهازية، وانتصر البلاشفة على المناشفة الذين استغلتهم القيصرية ضد الثورة منذ
1905 كعملاء البورجوازية داخل الحركة العمالية، وكان انتصار البلشفية نتيجة تكتيك استعمال
فن العلاقة الجدلية بين السرية والعلنية واستطاع البلاشفة احتلال جميع المقاعد العمالية
بالدوما الرجعية.
واستفاد لينين من
حوادث "لينا" التي تم فيها إطلاق النار على العمال المضربين في مناجم الذهب
، التي نتج عنها التضامن العمالي مما أسفر عن المظاهرات في الشوارع والإضرابات والاجتماعات
المنظمة في جميع أنحاء روسيا. وقاد لينين نضالا مريرا ضد التحريفيين الانتهازيين داخل
الأممية الثانية خاصة أثناء الحرب الإمبريالية الأولى التي كشفت زيف ادعاءاتهم التي
يقودها كاوتسكي، وذلك بالدعاية للحرب باسم الدفاع عن الوطن في الوقت الذي يناضل فيه
البرلمانيون البلاشفة بالدوما ضد الحرب مما دفع النظام القيصري إلى نفيهم إلى سيبيريا.
وناضل لينين ضد المناشف
الذين اتخذوا الكولاك/الملاكين العقاريين الكبار حلفاء البروليتاريا ضد الرأسماليين
ودافع عن التحالف البروليتاري مع الفلاحين الصغار والفقراء والبورجوازية الصغرى الثورية.
وكان للحزب البلشفي
دور هام في بلورة مفهوم النضال الثوري الذي بالحد بين النضال الاقتصادي والنضال السياسي،
بالحد بين المهام الثورية و النضال الجماهيري الذي يقوم به المناضلون الثوريون. يقول
لينبن : " ينبغي لمنظمة الثوريين أن تضم بالدرجة الأولى وبصورة رئيسية أناسا يكون
النشاط الثوري مهنتهم (ولذلك أتحدث عن منظمة الثوريين، وأنا أعني الثوريين-الاشتراكيين-الديموقراطيين).
وحيال هذه الصفة المشتركة بين أعضاء مثل هذه المنظمة ينبغي أن يمحى بصورة تامة كل فرق
بين العمال والمثقفين فضلا عن الفروق بين مهن هؤلاء وأولئك على اختلافها. ينبغي لهذه
المنظمة بالضرورة أن لا تكون واسعة جدا، وأن تكون على أكثر ما يمكن من السرية".
كتاب : ما العمل ؟
وكانت الحرب الإمبريالية
ما بين 1914 و1918 مناسبة هامة لإشعال الحرب بين البلاشفة والقيصرية من خلال مناهضة
النواب البرلمانيين البلاشفة دخول روسيا الحرب الإمبريالية الأولى، الذين رفضوا التصويت
لصالح الاعتمادات الحربية وقاموا بالدعاية ضد الحرب في صفوف الجماهير، مما دفع القيصرية
إلى اعتقالهم ومحاكمتهم ونفيهم إلى سيبيريا في الوقت التي باركت فيه التحريفية الانتهازية
هذه خوض الحرب الاستعمارية. يقول لينين: "ولئن استطاعت البلشفية أن تنتصر في سنوات
1917 و 1920، فإن أحد الأسباب الأساسية لهذا الانتصار هو أن البلشفية كانت حتى منذ
خاتمة 1914 تفضح دون رحمة خبث ودناءة وخسة الاشتراكيةـ الشوفينية و"الكاوتسكية"
التي تتفق واللونغيتية في فرنسا، وآراء حزب العمال المستقل والفابيين بإنجلترا، وتوراتي
في إيطاليا والخ ... ، وأن الجماهير قد اقتنعت فيما بعد بتجربتها الخاصة أكثر فأكثر
بصحة آراء البلاشفة ". كتاب : ضد الجمود العقائدي والانعزالية في الحركة العمالية.
كانت هذه المراحل
مرحلة التهييء للثورة البولشيفية منذ تأسيس الحزب البولشيفي إلى حين انتصار البلاشف
على القيصرية والتحريفية الانتهازية، وكان للحزب البلشفي دور هام في نجاح الثورة الاشتراكية
والذي يوليه لينين أهمية قصوى وذلك بتعزيز ما يسميه "المؤخرة" بنشر العمل
السياسي بين الجماهير، حيث لم يقتصر فقط على إعطاء الأهمية للدعائية السياسية للحزب
بل ساهم بشكل شخصي في الأنشطة السياسية عبر الخطب في اجتماعات العمال والجنود الحمر
وبنشر المقالات في الصحف، وكان يؤكد على أهمية "المؤخرة المتماسكة" و"التنظيم
الانضباطي الواعي" باعتبارهما من أهم الشروط الأساسية لانتصار الثورة الاشتراكية.
وللحفاظ على مكاسب
الثورة الاشتراكية كان لينين يلح على الأهمية القصوى لتدقيق القوانين وتوجهات السلطة
السوفييتية بقيادة البروليتاريا، والعمل على مكافحة المضاربين والمخربين والجواسيس
الذين يعملون لصالح الجيش الأبيض في المؤخرة السوفييتية، كل ذلك من أجل مواجهة رأسمالية
قوية. يقول لينين : " إن أقل تصرف كيفي، إن أقل مخالفة للنظام السوفييتي، إنما
هي ثغرة يستغلها أعداء الشغيلة فورا .إنما هي ذريعة لانتصارات يحرزها كولتشاك ودينيكين
". نفس المرجع.
وقاد الحزب البلشفي
الحرب ضد اللصوص الملاكين العقاريين والرأسماليين وذلك عبر بناء الجيش الأحمر من العمال
والفلاحين، وكان مشكل قيادة الضباط القدماء الذين يتعاطفون مع الملاكين العقاريين والرأسماليين
هو المهمة الصعبة التي تعرضت للمهام الثورية بعد تسجيل الخيانات في صفوف هؤلاء الضباط
القدماء.
واعتبر لينين أن
"نظام الطاعة" داخل الجيش الأحمر والذي اعتنقه العمال والفلاحون عن وعي هو
السلاح الأساسي ضد أي مؤامرة تحاك ضد الثورة الاشتراكية.
واستفاد لينين كثيرا
من الحرب الأهلية وجعلها مناسبة تاريخية لتعزيز مكانة الحزب البلشفي ، حيث قررت اللجنة
المركزية للحزب تمتين "الوحدة العسكرية بين الجمهوريات السوفييتية وبين الجمهورية
الروسية الاتحادية"، من أجل ترسيخ بناء الوحدة داخل الحزب خدمة للحرب الدفاعية
عن الثورة الاشتراكية والوطن الاشتراكي.
وعمل لينين على المتابعة
اليومية لأطوار الحرب الأهلية في "جميع الجبهات" وفي "المؤخرة"
أي في أوساط الجماهير الشعبية، وكان ل"التربية على الخصال والأخلاق الشيوعية"
لدى الجيش دور هام في الانتصار على الأعداء الطبقيين، والذي تم بفضل البناء الحزبي
المتين الذي مكنه من قيادة "حرب الدفاع عن المجتمع الاشتراكي". ويقول لينين
: "وفقط لأن الحزب كان على حذر و يقظة ، لأن الحزب كان شديد التقيد بالطاعة والانضباط،
ونفوذه يوحد جميع المؤسسات وجميع الإدارات، لأن العشرات، والمئات، والآلاف، وفي آخر
الأمر الملايين من الناس هبوا كرجل واحد استجابة لشعار اللجنة المركزية، فقط لأن تضحيات
لم يسمع بمثلها من قبل بالذات، لكل هذا فقط أمكن للأعجوبة أن تحدث". كتاب : ضد
الجمود العقائدي و الانعزالية في الحركة العمالية.
وخاض لينين صراعا
مريرا ضد التحريفيين الانتهازيين حول كيفية الرد على الحرب الذين يزعمون أن "الإضراب
والثورة" هو الرد الصحيح، وعملوا على نشر زعمهم هذا في أوساط الطبقة العاملة.
واعتبره لينين أن "الإضراب والثورة" أمر مستحيل في الحرب ضد الإمبريالية
التي تستهدف إسقاط الثورة الاشتراكية، ذلك ما أثبتته نتائج الحرب الأهلية التي انتصرت
فيها البلشفية، لكون التنظيم العادي للطبقة العاملة يعجز عن الرد الحاسم على الحرب
المضادة للثورة التي تتطلب الدفاع عن الوطن الاشتراكي، واعتبر أن "التنظيم السري
طويل الأمد ضد الحرب" ضروري لقيادة الثوريين لهذه الحرب والانتصار فيها.
وقد سبق للنواب البرلمانيين
البلشفيين أن قاوموا بالدعاية والتحريض ضد الحرب الإمبريالية الأولى وكان مصيرهم الاعتقال
والمحاكمة والنفي، مما أكد عدم إمكانية مجابهة أعداء العمال والفلاحين ب"الإضراب
والثورة" في الحرب الأهلية، الشيء الذي ركز مفهوم "الدفاع عن الوطن الاشتراكي"
عبر بناء "القدرة الدفاعية" التي تطلبت سياسة "السلام الدولية"
بالنضال ضد الحروب الإمبريالية.
وقام لينين بإرسال
وفد إلى مؤتمر لاهاي "للدفاع عن النضال ضد الحرب" عبر فضح الرأسماليين الذين
يدعون أنهم ضد الحرب ، مما فضح ادعاءات التحريفيين الانتهازيين حول السلام في ظل الإمبريالية.
يقول لينين : "إن صلح بريست-ليتوفسك الذي أملت شروطه ألمانيا الملكية، ومن بعده
صلح فرساي الأكثر وحشية وحطة والذي أملت شروطه الجمهوريتان «الديموقراطيتان»، أمريكا
وفرنسا، وكذلك إنجلترا «الحرة» قد قدما للبشرية خدمة نافعة جدا إذ فضحا الكتبة الخدم
المأجورين للإمبريالية وكذلك البرجوازيين الصغار الرجعيين الذين، وإن كانوا يخلعون
على أنفسهم ألقاب المسالمين والاشتراكيين، فإنهم يمتدحون «الولسونية» ويبرهنون على
إمكان السلام والإصلاحات في ظل الإمبريالية.
إن عشرات الملايين
من الجثث والمشوهين الذين تركتهم الحرب التي أضرمت نيرانها لتعيين ما إذا كانت الزمرة
الإنجليزية أو الألمانية من قطاع الطرق الماليين ينبغي أن تنال حصة الأسد من الغنيمة،
ثم «معاهدتي الصلح» هاتين، تفتح بسرعة لم تعهد من قبل عيون الملايين وعشرات الملايين
من الناس الذين ظلمتهم البرجوازية وسحقتهم وخدعتهم وضللتهم. وعلى صعيد الخراب العالمي
التي لا يمكنها أن تنتهي إلى غير الثورة البروليتارية وظفرها، مهما كانت طويل وقاسية
تقلبات الأحوال التي لا بد لهذه الأزمة أن يجتازها." كتاب الإمبريالية أعلى مراحل
الرأسمالية.
إن الأحداث التاريخية
التي تلت ثورة 1905 قد شكلت مقدمات إنجاز الثورة الثانية التي استولت فيها التحريفية
الانتهازية على السلطة ، مما أرغم لينين على النضال من أجل استرجاع السلط بقيادة البروليتاريا
في ظل دولة دكتاتورية البروليتارية في أكتوبر 1917، وحارب التحريفية الانتهازية والإمبريالية
معا دفاعا عن الثورة الاشتراكية والوطن الاشتراكي في الحرب الأهلية.
وكما أن الثورة الاشتراكية
لا بد لها من مقدمات فإن البناء الاشتراكي لابد له من مقدمات رأسمالية الشيء الذي لا
يتناقض والديالكتيك الماركسي، وهذه المقدمات ما هي إلا "عناصر ثقافة الرأسمالية
الكبيرة" التي يعتبر فيها المثقفون عنصرا هاما، حيث طرح على الدولة السوفييتية
ضرورة الاستفادة من المثقفين غير الاشتراكيين الذين خلفتهم الرأسمالية و"بصمتهم
ببصماتها"، في الوقت الذي تستند فيه إلى طليعة البروليتارية التي تجر وراءها جميع
البروليتاريين والفلاحين الفقراء، إذ لا يمكن بناء المجتمع الاشتراكي دون اعتبار ما
خلفته الرأسمالية من عناصر وجب الاستفادة منها و"من عناصر أفسدتها الرأسمالية"
وهي البورجوازية الصغرى. يقول لينين : "فنحن لا يسعنا أن نبني السلطة إذا لم نستخدم
إرثا من الثقافة الرأسمالية كما هم عليه المثقفون . وفي وسعنا الآن أن نعامل البورجوازية
الصغيرة معاملة جار طيب لنا يخضع لرقابة صارمة من جانب سلطة الدولة . وهنا يتعين على
البروليتاريا الواعية أن تفهم أن السيادة لا تعني أنه يترتب عليها أن تنفذ بنفسها جميع
هذه المهام. وأن من يفكرون هكذا لا يفهمون شيئا عن بناء الاشتراكية ولم يتعلموا شيئا
خلال سنة من الثورة والديكتاتورية ... ينبغي لنا أن ندرك أن ذلك البناء الذي سيقود
إلى الاشتراكية لن تنتظم أحواله إلا في سياق هذا النضال، وفي جملة من الاتفاقات وتجارب
الاتفاقات بين البروليتاريا والديمقراطية البورجوازية الصغيرة ".كتاب : الإمبريالية
أعلى مراحل الرأسمالية.
ففي الوقت الذي بلغ
فيه البناء الاشتراكي بالاتحاد السوفييتي أوجه في 1929 حلت أزمة اقتصادية عالمية لم
تستطع ضرب الاقتصاد الاشتراكي، وفي ظل هذه الأزمة الرأسمالية نادى الاقتصاديون البورجوازيون
بما يسمى بسياسة " التكافل الاجتماعي" من أجل تجاوز ما لحق الاقتصاد الإمبريالي
من دمار نتيجة بروز الاقتصاد الاشتراكي، والنظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا
سعى إلى تخطي أزمته على حساب استغلال الطبقة العاملة بإثقال كاهلها بعبء "تكافل
العمال لإنقاذ الإمبرياليين من الإفلاس".
ولم تخرج الإمبريالية
من أزماتها على حساب البروليتاريا إلا ودخلت في صراع حول إعادة تقسيم العمل الذي أدى
إلى الحرب الإمبريالية الثانية.
لقد عاش الاقتصاد
الرأسمالي أزمات هيكلية منذ بروز الاقتصاد الاشتراكي مما حدا بالإمبرياليين إلى محاولة
تخطي أزماتهم ما بعد الحرب الإمبريالية الثانية بمزيد من استغلال الطبقة العاملة، وكان
للسيطرة الإمبريالية على السوق التجارية العالمية والتقدم التكنولوجي والحروب اللصوصية
في آسيا وأفريقيا واشتغال الاتحاد السوفييتي بإعادة بناء ما دمرته الحرب وإدماج دول
شرق أوربا في الاقتصاد الاشتراكي دور هام في تخطي الإمبريالية مرحليا لأزمتها، إلا
أنها واجهت مشكل السوق التجارية العالمية التي انقسمت إلى رأسمالية واشتراكية. يقول
ستالين : "إن أهم نتيجة اقتصادية للحرب العالمية الثانية، ولعواقبها على الاقتصاد،
كانت تفكك السوق العالمية الوحيدة الشاملة. وهذا ما أدى إلى تفاقم جديد في أزمة النظام
الرأسمالي العالمي العامة. ولقد تولدت الحرب العالمية الثانية نفسها من هذه الأزمة
ـ وكانت كل من الكتلتين الرأسماليتين اللتين ينهش بعضهما بعضاً أثناء الحرب تأمل في
أن تتمكن من قهر خصمها وبسط سيطرتها على العالم. وبهذه الوسيلة، كانتا تسعيان إلى إيجاد
مخرج من الأزمة. فإن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تأمل أن تتغلب على أخطر مزاحميها،
ألمانيا واليابان، وأن تستولي على الأسواق الأجنبية، وعلى المصادر العالمية للمواد
الأولية، وأن تبسط سيطرتها على العالم. على أن الحرب لم تحقق آمال الولايات المتحدة.
صحيح أن ألمانيا واليابان قد وضعتا خارج المعركة، بوصفهما مزاحمتين للدول الرأسمالية
الرئيسية الثلاث: الولايات المتحدة وانكلترا وفرنسا. ولكن شهدنا، من جهة أخرى، إن الصين
وبلدان الديمقراطية الشعبية في أوروبا قد انفصلت عن النظام الرأسمالي، وشكلت مع الاتحاد
السوفييتي معسكراً اشتراكياً واحداً جباراً، مجابهاً لمعسكر الرأسمالية. وكانت النتيجة
الاقتصادية لوجود المعسكرين المتجابهين أن السوق الوحيدة، العالمية، قد تفككت، الأمر
الذي أدى الآن إلى وجود سوقين عالميتين متقابلتين، تجابه إحداهما الأخرى أيضاَ."
كتاب : المسائل الاقتصادية الاشتراكية بالاتحاد السوفييتي.
ولم يستطع الاقتصاد
الرأسمالي الإمبريالي الخروج من نفق الأزمة إلا بعدما تأكدت الإمبريالية من أن سقوط
المنتظم الاشتراكي مسألة وقت فقط، والتأكد من أن الثورة الصينية لا يمكن تجاوزها لمرحلة
البناء البورجوازي التي مرت بسلاسة من المزاحة إلى الاحتكارية في ظل الاشتراكية الإمبريالية
بعد سيطرة التحريفية الإنتهازية على السلطة في 1976 .
وبرز اقتصاد ما يسمى
ب " الليبرالية المحدثة " كشكل من أشكال الاقتصاد الرأسمالي من أجل تجاوز
أزمة الرأسمالية الإمبريالية عبر :
ـ مزيد من استغلال
الطبقة العاملة بإثقال كاهلها بتكاليف التأمين الصحي والاجتماعي والضرائب على الدخول
الذي يتحمله أجر العمال.
ـ مزيد من حرية الإنتاج
الرأسمالي الإمبريالي بتخفيض الضرائب عن دخول أصحاب المشاريع الرأسمالية وذوي الثروات
من الإمبرياليين.
ونتج عن ربع قرن
من هذه السياسة الإمبريالية التي يهدف وراءها الإمبرياليون إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية
الرأسمالية للسيطرة على السوق التجارة العالمية ما يلي :
ـ تدمير دخول الطبقة
العاملة نتيجة ارتفاع مستوى العبء الضريبي على حساب أجر العمال.
ـ تضاعف دخول أصحاب
المشاريع والثروات نتيجة انخفاض العبء الضريبي على حساب خزائن الدول.
فمنذ 1975 تم سن
سياسة ما يسمى ب " الليبرالية المحدثة " المعتمدة على انخفاض نسبة الضرائب
عن دخول أرباب الشركات وأصحاب الثروات إلى النصف تقريبا في حين أن الضرائب عن الأجور
قد تضاعفت أربع مرات، وساهم تحرر التجارة العالمية في هروب الشركات من أداء الضرائب
بالهروب إلى الخارج بحثا عن دول توفر لها إمكانيات التخفيض الممكن من الضرائب التي
بلغت حد إلغائها بفعل المنافسة بين الدول خاصة بعد تفكيك المنتظم الاشتراكي.
يعتبر لينين الأساس
الاقتصادي مهما في تحديد صفة علاقات الإنتاج، فمهما يكن الأساس الاقتصادي متجها نحو
الاشتراكية تحدث في القوى المنتجة ثورة تحولها إلى قوة قادرة على تحطيم علاقات الإنتاج
الرأسمالية، ولا يمكن للأساس الاقتصادي أن ينتقل من هيمنة الاقتصاد الرأسمالي إلى سيادة
الاقتصاد الاشتراكي دفعة واحدة، ذلك ما لم يفهمه المناشفة الجدد عندما يقولون بعدم
إمكانية زوال الاقتصاد البضاعي في التجربة الاشتراكية بالاتحاد السوفييتي شأنهم في
ذلك شأن المناشفة. ويقول ستالين : "يذهب بعض الرفاق إلى أن الحزب قد حافظ خطأ
على الإنتاج البضاعي بعدما استولى على الحكم وأمم وسائل الإنتاج في بلادنا. وهم يرون
أنه كان على الحزب في ذلك الوقت أن يزيل الإنتاج البضاعي. وفي ذلك يستشهدون بإنجلز
الذي يقول: "مع تملك المجتمع لوسائل الإنتاج، يزال الإنتاج البضاعي، وتزال بالنتيجة
سيطرة المنتوج. (راجع كتاب دوهرينغ).
إن هؤلاء الرفاق
على خطأ جسيم. فلنحلل صيغة انجلس. إن هذه الصيغة لا يمكن اعتبارها على درجة تامة من
الوضوح والدقة، لأنها لا تبين ما إذا كان المقصود تملك المجتمع جميع وسائل الإنتاج
أو قسماً منها فقط، أي أنها لا تبين ما إذا كانت جميع وسائل الإنتاج قد جعلت ملكاً
للشعب أو قسم منها فقط، وإذن فإن صيغة انجلس هذه يمكن أن تفهم على وجهين. وفي مقطع
آخر من كتاب انتي دوهرينغ، يتكلم انجلس عن تملك «جميع وسائل الإنتاج»، عن تملك «وسائل
الإنتاج بكليتها». ومعنى ذلك إذن أن انجلس لا يقصد في صيغته تأميم قسم من وسائل الإنتاج
بل تأميم مجموع وسائل الإنتاج، أي جعل وسائل الإنتاج ملكاً للشعب لا في الصناعة فقط،
بل في الزراعة أيضاً." كتاب : المسائل الاقتصادية للاشتراكية بالاتحاد السوفييتي.
لقد أكد لينين أن
الإنتاج الزراعي يشكل عائقا أمام تحول القوى المنتجة في الاتحاد السوفييتي إلى قوى
اشتراكية نظرا لصعوبة القضاء على الملكية الخاصة في الفلاحة دفعة واحدة بعد الثورة
الاشتراكية، لهذا حافظة على الشكل البضاعي في العلاقة بين الفلاحين الصغار ودولة ديكتاتورية
البروليتاريا لكون تحالف العمال والفلاحين ضروري في القضاء على تحالف الرأسماليين والملاكين
العقاريين الكبار، وتأكيد ماركس على أهمية الطبقة العاملة في الثورة الإشتراكية بقيادة
الطليعة البروليتارية يبرز دور الفلاحين في تعطيل هذه الثورة وقد وصفهم ماركس بالرجعية
في بعض كتاباته شأنهم شأن البورجوازية الصغرى المثقفة.
فالعلاقة بين الصناعة
والفلاحية باعتبارهما مكونين أساسيين في بناء الإساس الاقتصادي في الرأسمالية علاقة
ديالكتيكية يحكمها التناقض في ظل الوحدة، ولا يمكن للصناعة السيطرة في الاقتصاد بشكل
نهائي إلا عندما تقع في الفلاحة ثورة صناعية قادرة على نفي بقايا الإقطاع بصفة نهائية،
ذلك ما لا يمكن أن يقع إلا عندما تتحول وسائل الإنتاج إلى ملكية اجتماعية بصفة نهائية
و في ظل دولة ديكتاتورية البروليتاريا. يقول ستالين : "وينجم عن ذلك أن انجلز
إنما يقصد الأقطار التي بلغت فيها الرأسمالية وتمركز الإنتاج درجة كافية من التطور،
لا في الصناعة فقط بل في الزراعة أيضاً، بحيث يصبح ممكناً نزع ملكية جميع وسائل الإنتاج
في البلاد وجعلها ملكاً للشعب. فانجلز يرى إذن أنه، إلى جانب جعل جميع وسائل الإنتاج
اجتماعية في هذه الأقطار، من الملائم إزالة الإنتاج البضاعي. وهذا صحيح طبعاً. في آخر
القرن الماضي، في الحقبة التي صدر فيها كتاب انتي دوهرينغ، كانت انكلترا البلد الوحيد
الذي بلغ فيه تطور الرأسمالية وتمركز الإنتاج سواءً في الصناعة أم في الزراعة، درجة
يمكن معها، في حالة استيلاء البروليتاريا على الحكم، جعل جميع وسائل الإنتاج في البلاد
ملكاً للشعب، وإزالة الإنتاج البضاعي. وإني أضرب هنا صفحاً عن أهمية التجارة الخارجية
لانكلترا مع ما لها من قسط هائل في الاقتصاد الوطني البريطاني. وأعتقد أنه فقط، بعد
دراسة المسألة، يمكن البت نهائياً بمصير الإنتاج البضاعي في انكلترا غداة استيلاء البروليتاريا
على الحكم وتأميم جميع وسائل الإنتاج. ومع ذلك فإن مدى ما نشاهده في انكلترا من تطور
الرأسمالية وتمركز الإنتاج الزراعي لم يبلغه أي بلد لا في نهاية القرن الماضي وحسب،
بل اليوم أيضاً. أما في البلدان الأخرى، فرغم تطور الرأسمالية في الريف، لا يزال هناك
طبقة كثيرة العدد إلى حد لا يستهان به من الملاكين المنتجين، الصغار والمتوسطين، الذين
ينبغي تقرير مصيرهم في حالة وصول البروليتاريا إلى الحكم." نفس المرجع.
لقد اتخذ المناشفة
الجدد من قول ماركس بحتمية زوال الرأسمالية ذريعة لتغليط البروليتاريا والكذب عليها
بقولهم بعدم جدوى الثورة الاشتراكية وضرورة الانتظار إلى حين بلوغ الرأسمالية مستوى
التحول السلس إلى الاشتراكية، وهؤلاء التحريفيون الانتهازيون يريدون من الماركسيين
اللينينين المساهمة في المؤامرة ضد الطبقة العاملة والفلاحين الصغار والمتوسطين الذين
يستغلهم الرأسماليون، يريدون منهم الانتظار إلى حين العصف بالفلاحين إلى صفوف البروليتاريا
الزراعية عندما يستولي الملاكون العقارييون الكبار على جميع أراضيهم ويتم تمركز الإنتاج
في الزراعة، إنه بالفعل حلم التحريفيين الانتهازيين الذين ينتظرون الفرصة للسيطرة على
السلطة السياسية كما فعل المناشفة في فبراير 1917، فكيف يمكن للماركسيين اللينينيين
الانتظار إلى حين سيطرة الطغمة المالية على الأساس الاقتصادي وهلاك الغالبية العظمى
من الشعب من أجل تحقيق الاشتراكية الهلامية المسيطرة على عقول التحريفيين الانتهازيين
؟
لقد أكد لينين أنه
لا يمكن الانتظار حتى يصبح جميع الناس بروليتاريين لبناء دولة اشتراكية وأنه لا بد
من ديكتاتورية البروليتاريا في دولتها كمرحلة انتقالية، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالقضاء
على سلطة البورجوازية بالثورة الاشتراكية التي تقودها طليعة البروليتاريا، وأكد لينين
على ضرورة تحالف الطبقة العاملة والفلاحين بعد الثورة الاشتراكية ضد تحالف الرأسماليين
والملاكين العقاريين الكبار. يقول ستالين : "وإذن فكيف العمل إذا كانت جميع وسائل
الإنتاج لم تكن اجتماعية، بل قسم منها فقط، وإذا كانت جميع الشروط الملائمة لاستيلاء
البروليتاريا على الحكم متوفرة، ـ هل يجب أن تستولي البروليتاريا على الحكم، وهل يجب
القضاء، بعد ذلك فوراً، على الإنتاج البضاعي؟ لا يمكن طبعاً أن يعد جواباً رأي بعض
الماركسيين المزعومين الذين يرون أنه ينبغي، في هذه الأحوال، الامتناع عن الاستيلاء
على الحكم، والانتظار حتى يتسع الوقت للرأسمالية لتخرب ملايين المنتجين الصغار والمتوسطين،
وتحولهم إلى أجراء زراعيين، وتمركز وسائل الإنتاج في الزراعة، وأنه، بعد ذلك فقط، يمكن
وضع مسألة استيلاء البروليتاريا على الحكم وجعل جميع وسائل الإنتاج اجتماعية. ومن المفهوم
أن الماركسيين لا يمكنهم أن يقبلوا مثل هذا «الحل» إذا كانوا لا يريدون أن يلطخوا شرفهم
بالخزي والعار. كذلك لا يعتبر جواباً رأي الماركسيين المزعومين الآخرين الذين يظنون
أنه ربما يجب الاستيلاء على الحكم واللجوء إلى نزع ملكية المنتجين الصغار والمتوسطين
في الريف وجعل وسائل إنتاجهم اجتماعية. فالماركسيون لا يستطيعون أن يسيروا في هذه الطريق
الخرقاء والمجرمة لأن هذه الطريق تحرم الثورة البروليتارية كل إمكانية للنصر، ونلقي
بجماهير الفلاحين في معسكر أعداء البروليتاريا إلى أمد طويل." نفس المرجع.
و يقول المناشفة
الجدد في "قراءت"هم للوضع العام العالمي بانيهار الرأسمالية مع انهيار الاشتراكية
في آن واحد وينطلقون لبناء أسس "نظريت"هم "الجديدة" التي تدعي
تطوير الماركسية، ويقولون أننا لسنا بحاجة إلى ماركس ولينين وهذا هو الاستنتاج النهائي
ل"قراءت"هم و يدعون أن ذلك ما تسعى إليه الماركسية اللينينية (سقوط الرأسمالية
و الاشتراكية)، إنه استنتاج تحريفي لمقولة "حتمية زوال الرأسمالية" يتم إسقاطه
على النظام العالمي الراهن و هو استنتاج مليء بالتناقضات الصارخة ، التي لا يمكن الوقوف
عليها إلا بفهم الأساس الاقتصادي العالمي ككل وتحليله في ظل وحدة التناقضات بين الاحتكارية
والمزاحمة الحرة، في ظل التناقض بين الصناعة والفلاحة، في ظل التناقض بين الدول الإمبريالية
والدول التابعة لها ، في ظل التناقض بين الثورة البورجوازية والاشتراكية.
وأكد لينين في تحليله
للرأسمالية الحديثة/الإمبريالية أنه لا مجال فيها للمزاحمة الحرة بعد سيطرة الاحتكارية
التي انبثقت من حضن المزاحمة الحرة بعد ولادة الإمبريالية، وأن المشاريع الصغرى لصغار
البورجوازية ما هي إلا صمام أمان الرأسمالية الإمبريالية في تعايشها مع المزاحمة الحرة
من أجل تجديد نفسها للخروج من أزما تها المزمنة، حيث لا يمكن القضاء على المزاحمة الحرة
نهائيا في ظل الرأسمالية الإمبريالية لكون وجودها ضروري في تنمية الرأسمال المالي المسيطر
على الأساس الاقتصاد عالميا بسيطرة الاحتكاريين الماليين الإمبرياليين على السوق التجارية
العالمية.
وكما لم يتم القضاء
على الإقطاع نهائيا في ظل الثورات البورجوازية فإن الإنتاج البضاعي في الفلاحة يبقى
مستمرا ما لم يتم القضاء عليه نهائيا في ظل الثورة الاشتراكية، والمزاحة الحرة تعتمد
عليها الاحتكارية لبسط سيطرتها على الدول التابعة للرأسمالية الإمبريالية لجعلها مجالا
للاستثمارات الاحتكارية من أجل تمركز الإنتاج في الفلاحة واستغلال البورجوازيين الصغار،
والتناقض بين الاحتكارية والمزاحمة الحرة في ظل الوحدة كما هو الشأن في قوانين الحركة
بصفة عامة أمر ضروري في استمرار الإمبريالية في التطور عبر سيطرة الرأسمال المالي على
الإنتاج البضاعي، ذلك ما يشكل عمق التناقض الأساسي للرأسمالية الإمبريالية مما يعطيها
النفس الطويل في مواجهة أزماتها المالية التي تشكل فيها الأزمة المالية اليوم محطة
من محطاتها التي تلازما على طول تطورها إلى حين تحقيق الثورة الاشتراكية العالمية.
يقول ستالين : "كذلك لا يعتبر جواباً رأي الماركسيين المزعومين الآخرين الذين
يظنون أنه ربما يجب الاستيلاء على الحكم واللجوء إلى نزع ملكية المنتجين الصغار والمتوسطين
في الريف وجعل وسائل إنتاجهم اجتماعية. فالماركسيون لا يستطيعون أن يسيروا في هذه الطريق
الخرقاء والمجرمة لأن هذه الطريق تحرم الثورة البروليتارية كل إمكانية للنصر، ونلقي
بجماهير الفلاحين في معسكر أعداء البروليتاريا إلى أمد طويل. وقد أجاب لينين على هذا
السؤال في مؤلفاته عن «الضريبة العينية» وفي مؤلفه الشهير «البرنامج التعاوني». ويمكن
إيجاز جواب لينين بما يلي:
أ ـ عدم تفويت الظروف
الملائمة للاستيلاء على الحكم؛ فعلى البروليتاريا أن تستولي على الحكم دون أن تنتظر
حتى تكون الرأسمالية قد توصلت إلى خراب ملايين المنتجين الفرديين الصغار والمتوسطين.
ب ـ نزع ملكية وسائل
الإنتاج في الصناعة وجعلها ملكاً للشعب.
ج ـ أما المنتجون
الفرديون الصغار والمتوسطون فيجمعون بصورة تدريجية في تعاونيات إنتاجية، أي في مؤسسات
زراعية ضخمة، هي الكولخوزات.
د ـ تطوير الصناعة،
بجميع السائل، وإقامة الكولخوزات على أساس تكنيكي حديث، هو الأساس التكنيكي للإنتاج
الكبير؛ وعدم نزع ملكية الكولخوزات، بل بالعكس، تزويدها، بشكل وافر، بأعلى طراز من
التراكتورات وسائل الآلات.
هـ ـ لأجل تأمين
التحالف الاقتصادي بين المدينة والأرياف، بين الصناعة والزراعة، يحافظ، إلى حين، على
الإنتاج البضاعي (التبادل عن طريق البيع والشراء)، بوصفه الشكل الوحيد المقبول ـ لدى
الفلاحين ـ للعلاقات الاقتصادية مع المدينة، وتطور التجارة السوفييتية على مداها، تجارة
الدولة والتجارة التعاونية والكولخوزية على السواء، مع إزالة الرأسماليين، على أنواعهم،
من ميدان التجارة.
إن تاريخ بنائنا
الاشتراكي يدل على أن طريق التطور هذا، الذي رسمه لينين، قد ثبتت صحته تماماً. ولا
يمكن الشك في أن هذا الطريق هو الوحيد الممكن والمعقول لانتصار الاشتراكية في جميع
الأقطار الرأسمالية التي فيها طبقة من المنتجين الصغار والمتوسطين، كثيرة العدد إلى
حد ما. يقولون أن الإنتاج البضاعي لا بد منه، مع ذلك، من أن يؤدي في جميع الظروف وسيؤدي
حتماً إلى الرأسمالية. هذا غير صحيح. لا دائماً ولا في جميع الظروف! ولا يمكن اعتبار
الإنتاج البضاعي والإنتاج الرأسمالي متماثلين. فهما شيئان مختلفان. إن الإنتاج الرأسمالي
هو الشكل الأعلى للإنتاج البضاعي. ولا يؤدي الإنتاج البضاعي إلى الرأسمالية إلا إذا
كانت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج موجودة؛ إلا إذا كانت قوة العمل تظهر في السوق
كبضاعة يستطيع الرأسمالي أن يشتريها ويستغلها في عملية الإنتاج؛ إلا، بالتالي، إذا
كان في البلاد نظام لاستثمار العمال الأجراء من قبل الرأسماليين. إن الإنتاج الرأسمالي
يبدأ حيث تكون وسائل الإنتاج ممركزة بيد أفراد، ويكون العمال المحرومون من وسائل الإنتاج،
مضطرين لبيع قوة عملهم كبضاعة. بدون ذلك، لا يوجد إنتاج رأسمالي." نفس المرجع.
لقد وضع لينين أسس
الرأسمالية الاحتكارية نظريا من أجل مواجهتها عمليا عبر الثورة الاشتراكية باعتبار
الإمبريالية عصر سيطرة الرأسمال المالي على السوق التجارية العالمية ، هذا البعد الجديد
في الرأسمالية الحديثة الذي يميز الاقتصاد العالمي في ظل الإمبريالية والذي يتخذ اليوم
أشكالا رهيبة بعد سقوط التجربة الاشتراكية النقيض الأساس للإمبريالية، من خلال تفاقم
سيطرة الطغمة المالية على العالم بما في ذلك السيطرة على شعوب الدول الإمبريالية نفسها
باعتبار الدولة أداة لحماية مصالح الاحتكاريين الماليين الإمبرياليين.
ويقوم التحريفيون
الانتهازيون بإشاعة عيش الدول الإمبريالية في أزمات مثلها مثل الدول التابعة لها وعلى
رأسها بريطانيا وأمريكا من خلال :
1 ـ اعتمادها في اقتصادها على القروض والديون
من المؤسسات المالية الإمبريالية العالمية وهي مدينة كباقي الدول.
وهذا الأمر يحمل
نصف الحقيقة وليس الحقيقة كاملة إذ ليست الدول الإمبريالية التي تتحكم فيها الطغمة
المالية الإمبريالية هي التي تؤدي هذه الديون، إنما الشعوب هي التي تؤديها على شكل
"جزية على المجتمع ككل" كما قال لينين، والأزمة المالية الحالية التي انطلقت
من العقار باعتباره مجالا حيويا للرأسمال المالي الذي يوفر شروط المضاربات المالية
والريع وقد تحدث لينين على ذلك في نقده للإمبريالية، ولم يرحم الاحتكاريون الماليون
المدينين بأمريكا بعد طردهم من المنازل التي امتلكوها بالديون عند عجزهم عن أدائها،
وأصبحت حياة شعوب الدول الإمبريالية مقيدة بالديون حتى الموت.
والديون ليست إلا
قيدا من بين العديد من القيود الاقتصادية التي حولت شعوب الدول الإمبريالية إلى شعوب
استهلاكية، عبر سن السياسة التبعية في أوساط شعوبها بنشر سياسة القروض الاستعمارية،
واستطاعت الإمبريالية تحويل هذه الشعوب إلى شعوب طيعة لسياساتها الاستعمارية ومدافعين
عن هذه السياسات ضد مصالح باقي شعوب العالم.
ولا غرابة أن تتنامى
جميع أشكال العنصرية الإتنية والدينية وتتفاقم في أوساط الدول الإمبريالية الاتجاهات
النازية والفاشية التي تكن العداء للشعوب الأخرى، ورغم بروز بعض الحركات الديمقراطية
ضد الإمبريالية إلا أن أداءها ضعيف بحكم توجهاتها البورجوازية والتحريفية الانتهازية.
يقول لينين : "إن الرأسمال المالي المتركز في أيد قليلة والذي يمارس الاحتكار
فعلا يبتز أرباحا طائلة تتزايد باستمرار من تأسيس الشركات وإصدار الأوراق المالية ومنح
القروض للدولة الخ.، موطدا بذلك سيطرة الطغمة المالية وفارضا على المجتمع بأكمله جزية
لمصلحة المحتكرين. وهاكم مثلا من أمثلة لا تحصى، ذكره هيلفردينغ عن «تحكم» التروستات
الأمريكية: في سنة 1887 أسس هافيميير تروستا للسكر عن طريق دمج 15 شركة صغيرة بلغ مجموع
رأسمالها – 6.5 ملايين دولار. أمّا رأسمال التروست فقد تم «تمييعه بالماء» حسب التعبير
الأمريكي وقدر بـ 50 مليون دولار. و«مضاعفة الرأسمال» هذه تأخذ بالحسبان الأرباح الاحتكارية
المقبلة، كما أن تروست الفولاذ في أمريكا ذاتها يأخذ بالحسبان الأرباح الاحتكارية المقبلة
إذ يشتري بصورة متزايدة الأراضي التي تحوي مصادر الحديد. وقد فرض تروست السكر في الواقع
أسعاره الاحتكارية وحصل على مداخيل مكنته من أن يدفع لحملة الأسهم 10% ربحا مقابل رأسمال
«مميع بالماء» 7 أضعاف، أي نحو 70% مقابل الرأسمال المدفوع فعلا عند تأسيس التروست!
وفي 1909 سنة بلغ رأسمال التروست 90 مليون دولار. خلال 22 سنة تضاعف الرأسمال أكثر
من 10 أضعاف." كتاب : الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية.
2 ـ استيراد الدول الإمبريالية للمواد الاستهلاكية
ويضربون المثل بأمريكا قائدة الإمبريالية العالمي.
وهذا القول نصف صحيح،
لأنه لا يمكن أن ننسى أن الدول الإمبريالية حولت أغلبية شعوبها إلى شعوب استهلاكية
وأن الرأسمال المالي غايته المثلى هي الربح السريع أينما تواجد ولا يستثني ولم يستثن
أبدا أي شعب من الاستغلال، والطغمة المالية هي التي تستورد المواد الاستهلاكية الأقل
نفقة لتعيد بيعها بأغلى الأثمان، حيث الأسعار مرتفعة بالدول الإمبريالية ونفقة انتاجها
مرتفعة وتحدث لينين عن ذلك في نقده للإمبريالية.
وهؤلاء التحريفيون
الانتهازيون الذين يدعون هذه الادعاءات نصف الصحيحة لم يقولوا لنا ماذا تصدر هذه الدول
الإمبريالية ؟ وهل سبق لها يوما أن استوردت الطاقة النووية أو الأسلحة المتطورة أو
الطائرات أو السفن أو حتى السيارات والحافلات من الدول التابعة ؟
إن الدول الإمبريالية
دول صناعية بفضل تطور الكارتيلات والتروستات والسنديكات التي يتحكم فيها الاحتكاريون
الماليون الإمبرياليون الذين يتحكمون في تصدير الأموال للدول التابعة، عبر الشركات
الإمبريالية العابرة للقارات التي حطمت الحدود الجغرافية بين الدول من أجل بسط أشكال
استعمارية الجديدة، وأصبحت تتحكم في الإنتاج الصناعي بجميع أشكاله، من صناعة ثقيلة
إلى صناعات خفيفة استهلاكية في كل مكان من بقاع العالم وفي ظروف استغلال أقسى للطبقة
العاملة لم تعرفها البروليتاريا من قبل ، ظروف أشبه بالعبودية والإقطاع في ظل ضعف الحركة
العمالية العالمية و التراجع عن المكتسبات التاريخية للبروليتاريا في ظل التجربة الاشتراكية.
يقول لينين : "إن جسامة عائدات إصدار الأوراق المالية، بوصفه احدى عمليات الرأسمال
المالي الرئيسية، تلعب دورا هاما للغاية في تطوير وتوطيد الطغمة المالية. وتقول المجلة
الألمانية «البنك»: «لا يوجد في داخل البلاد مشروع يعطي، ولو على وجه التقريب، مثل
هذه الأرباح العالية التي تعطيها الوساطة في إصدار القروض الأجنبية»" نفس المرجع.
ولا غرابة أن نرى
اليوم العاملات و العمال الوافدين من دول شرق أوربا يتم استغلالهم بالمعامل والمزارع
الأوربية بأبخس الأثمان من أجل امتصاص غضب الحركة العمالية بهذه الدول بعد سقوط التجربة
الاشتراكية.
ولا غرابة أن تنتشر
السوق السوداء في أسواق الشغل الأوربية باستغلال جحافل العاملات والعمال بدون حقوق
واستغلال العاطلين عن العمل من الأوربيين بتعويضات البطالة كل ستة أشهر في السنة.
ولا غرابة أن نجد
المشاريع الصناعية التي تهدد البيئة بالتلوث تنتشر بدول شرق أوربية و هي في ملكية الاحتكاريين
الماليين الإمبرياليين، الذين يستغلون قوة عمل الطبقة العاملة بأجور أقل من مراكز الشركات
الإمبريالية العابرة للقارات لإنتاج بضائع استهلاكية رخيصة تباع في أسواق الدول الإمبريالية
بأغلى الأسعار.
3ـ الطبقة العاملة في تقلص متزايد خاصة في
بريطانيا.
وهذا الادعاء يشكل
نصف الحقيق، في أعرق الدول الإمبريالية التي قال عنها إنجلس في أعز سيطرتها في دراسة
له للطبقات وعن البروليتاريا التي تبرجزت " أمر منطقي من أمة تستثمر العالم كله ".
نعم هذا الادعاء
نصف صحيح، إن البروليتاريا في تناقص شديد في الدول الإمبريالية الكبرى التي تسيطر على
العالم بتصدير الرأسمال المالي على شكل قروض للدول التابعة، من أجل دعم سياساتها التبعية
التي تهدف إلى جعل هذه الدول دولا استهلاكية ومجالا حيويا لاستغلال الطبقة العاملة
الرخيصة والخامات والمنتوجات الفلاحية .
هذا الادعاء الذي
يتم الترويج له في صفوف الحركة العمالية العالمية من طرف التحريفية الانتهازية لضرب
أسس النضال العمالي الثوري، بالترويج بأن عدد البروليتاريين في انحدار متزايد في الدول
الإمبريالية ولا وجود لهم أصلا في الدول التابعة، وهم في ادعاءاتهم يريدون الوصول إلى
أن دور البروليتاريا التاريخي الذي أكد عليه لينين في أسس الثورة الاشتراكية قد تم
تجاوزه ولا محل له في التاريخ اليوم.
وهم يتجاهلون أن
العالم اليوم يعيش عصر أقصى الاحتكارات الكبرى نقيض المزاحمة الحرة، مما حول الدول
الإمبريالية إلى مركز للاحتكارية التي تعتمد على سيطرة الرأسمال المالي عبر المضاربات
والريع و تقليص دور المزاحمة الحرة التي تعتمد على الإنتاج البضاعي. يقول لينين :
"وما هو في منتهى الأهمية واقع أن التمركز في بلاد التجارة الحرة، انجلترا، يفضي
كذلك إلى الاحتكار، وإن يكن بصورة أبطأ وربما بشكل آخر. وإليكم ما يقوله البروفيسور
هرمن ليفي في مبحث خاص تناول فيه «الاحتكارات والكارتيلات والتروستات» على أساس معلومات
عن التطور الاقتصادي في بريطانيا العظمى: « إن الميل إلى الاحتكار في بريطانيا العظمى،
بالضبط، في ضخامة حجم المشاريع وعلو مستواها التكنيكي. فالتمركز قد أفضى، من جهة، إلى
أن المشاريع غدت تقتضي إنفاق الرساميل بمبالغ طائلة، ولذا تجد المشاريع الجديدة نفسها
إزاء طلبات متزايدة فيما يخص مقدار الرأسمال الضروري، وهذا ما يعيق ظهورها. ومن الجهة
الأخرى (ونعتبر هذا الأمر أكبر أهمية) ينبغي على كل مشروع جديد يريد أن يضارع المشاريع
الهائلة التي أنشأها التمركز أن ينتج كمية هائلة من المنتوجات الفائضة بحيث لا يمكن
بيعها بصورة مفيدة إلاّ في حالة ازدياد الطلب وازديادا خارقا، وفي الحالة المعاكسة
يخفض من المنتوجات الأسعار إلى مستوى ليس في مصلحة المعمل الجديد ولا في مصلحة الاتحادات
الاحتكارية». وخلافا للبلدان الأخرى التي تسهل فيها التعريفات الجمركية الوقائية تشكل
الكارتيلات، لا تنشأ في انجلترا، في أكثرية الحالات، اتحادات أصحاب الأعمال الاحتكارية،
الكارتيلات والتروستات، الا عندما ينحصر عدد المشاريع الرئيسية المتنافسة «في دزينتين
فقط». «إن تأثير التمركز على نشوء الاحتكارات في الصناعة الضخمة يظهر هنا بصفاء البلور»"
نفس المرجع.
ومع ذلك لم يقل لنا
هؤلاء السادة الأساتذة كم عدد البروليتاريين ببريطانيا اليوم ؟ وكم عدد الأرستوقراطية
البروليتارية ؟ وحتى البروليتارية البورجوازية ؟ كما قال إنجلس ردا على كاوتسكي الذي
أراد الاطمئنان على الحركة العمال.
ولم يقولوا لنا كم
هو العدد الذي تحتاجه الثورة الاشتراكية من أجل أن تنتصر على الإمبريالية اليوم ؟ و
هل قال لينين يوما أن ننتظر حتى يصبح الشعب كله بروليتاريا حتى ننجز الثورة الاشتراكية؟
إن التحريفيين الانتهازيين
لم يستطيعوا تجاوز تحليل ظواهر الإمبريالية وتناقضاتها الثانوية وهذا ينم على ضعف النظرية
التي ينطلقون منها، والتي لا تستطيع الغوص في التناقضات الأساسية للإمبريالية وعلى
رأسها التناقض بين الاحتكارية والمزاحمة، بين الدول الإمبريالية والدول التابعة.
4 ـ الماركسية التي نحن في حاجة إليها هي
ماركسية ماركس وليست ماركسية لينين المتجاوزة.
إنهم يفضلون الرجوع
إلى الخلف إلى القرن 19 كعادة التخريفيين الانتهازيين، وهم يلومون الماركسيين اللينينيين
الذين يتشبثون بخلاصات لينين الثورية، مستشهدين في ذلك بأن "الرأسمالية هي الإنتاج
البضاعي بما في ذلك قوة عمل العامل باعتبارها بضاعة" بشكل فج لا يحمل أدنى جديد
على المستوى الماركسي، وأن العالم اليوم يسود فيه "إنتاج الخدمات والعمل الفردي"
وليس "الإنتاج البضاعي" ولهذا وجب الرجوع إلى ماركس لتحليل النظام العالمي
الراهن وليس إلى خلاصات لينين المتجاوزة.
إنه استنتاج
"ماركسي سخيف" !، الرجوع إلى نظرية عصر المزاحمة الحرة التي يشكل فيها الإنتاج
البضاعي مركز الاقتصاد لتحليل مرحلة الإمبريالية التي يشكل فيها الرأسمال المالي مركز
السيطرة الاقتصادية ؟ لمعرفة لماذا يتناقص عدد البروليتاريين في الدول الإمبريالية
ولماذا تقترض هذه الدول وتستورد المواد الاستهلاكية ؟
هذا استنتاج غريب
يصدر عمن يسمون أنفسهم ماركسيين وهم يتجاهلون خلاصات لينين حول الاحتكارات البنكية
التي تسيطر على الرأسمال المالي، باعتباره العصب الأساسي في الاقتصاد في عصر الرأسمالية
الإمبريالية، ولينين قد درس الإمبريالية وأبرز طفيلية وتعفن الرأسمالية الحديثة وتوقع
تطورها وطغيان الاحتكاريين الماليين الإمبرياليين، ولذلك ألح على إنجاز الثورة الاشتراكية.
ولينين في نظر هؤلاء
السادة الأساتذة تجاوزه العصر وهو لم يعرف ولم يفهم الماركسية ولا علاقة الإنتاج البضاعي
بتطور البرلوليتاريا، إن كل المنطلقات النظرية والعملية للتحريفيين الانتهازيين التي
تسعى إلى تجاوز خلاصات الماركسية اللينينية لا يمكن لها إلا أن تقع في مستنقع اللاعرفانية
التي تعصف بها إلى صفوف المثالية الذاتية ومعادات المادية الماركسية.
إن هؤلاء السادة
الأساتذة لا يعرفون أن الرأسمالية الإمبريالية خططت لجعل الدول التابعة لها مجالا للمزاحمة
الحرة والمزاحمة الحرة فقط دونها، حتى تبقى موردا للخامات والمنتوجات الفلاحية الرخيصة
ومجالا لاستغلال الطبقة العاملة الرخيصة، وأن الدول الإمبريالية سائرة في اتجاه نفي
المزاحمة في بلدانها، وهي تقيد الدول التابعة لها بالقروض وتهددها بالاستعمار والحروب
الأهلية الإثنبة والدينية حتى تبقى صمام أمان أزمات الاحتكارية المالية.
والأزمة المالية
الحالية ما هي إلا أزمة الرأسمال المالي المسيطر على الاقتصاد والسياسة عالميا وليس
أزمة الإنتاج البضاعي الذي كان سيد المزاحمة الحرة في عهد ماركس، وهذه الأزمة ضربت
الدول الإمبريالية وهذا لا يعني أن الرأسمالية الإمبريالية انتهت وسقطت وانتهارت بانهيار
الرأسمال المالي ، هذا الادعاء الذي تسعى التحريفية الانتهازية لنشره في صفوف الحركة
العمالية العالمية من أجل إضعافها. إن هذا يعني أنها فعلا أزمة الرأسمالية الحديثة
كباقي الأزمات العابرة التي تتجاوزها الرأسمالية مرحليا لتسقط في أزمة جديدة.
والإمبريالية لا
يمكن تجاوز أزمتها الحالية إلا بمزيد من استغلال شعوب الدول التابعة لها عبر استغلال
تناقضات الاحتكارية والمزاحمة الحرة، وبالتالي استغلال البروليتاريا العالمية وخاصة
بالدول التابعة للرأسمالية الإمبريالية التي تؤدي دائما فاتورات أزمات الرأسمالية على
طول تاريخ تطور الرأسمالية، التي تنتظرها بالفعل أزمات وأزمات ما دامت على قيد الحياة
والتي ستتجاوزها في ظل فقدان الطبقة العاملة لدولة ديكتاتورية البروليتاريا التي تشكل
التناقض الأساسي للرأسمالية الإمبريالية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire