ويقول لينين عن الديالكتيك
: "الديالكتيك، بوصفه معرفة حية، متعددة الجوانب (إذ أن الجوانب تتكاثر بلا انقطاع)،
مع ما لا حد له من الأشكال والألوان، بغية مجابهة الواقع، بغية الاقتراب من الواقع
(مع نهج فاسفي ينبثق من كل شكل ولون ليشكل كلا واحدا)، ذلك هو محتوى فائق الغنى بالنسبة
للمادية "الميتافيزيقية"، التي مصيبتها الكبرى أنها غير أهل لتطبيق الديالكتيك
على
Bildertheorie )نظرية
الانعكاس)، على مجرى المعرفة وتطورها". كتاب المادية والمذهب النقدي التجريبي.
في حوار مع عدد من
الطلبة الماركسيين اللينينيين يتساءلون حول ادعاءات "الماويين" حول تطوير
ماو للماركسية اللينينية ويرغبون في معرفة صحة عدم صحة هذا الادعاء، الذي يريد أصحاب
موقع 30 غشت تكييفه مع المنظور الثوري لمنظمة إلى الأمام بإدماجه بشكل تعسفي بما يسمونه
"الماوية"، فقد أصبح من الواجب علينا دحض هذه الادعاءات التي يمكن تصنيفها
في خانة التحريفية.
وهكذا يقول
"الماويون المغاربة" في مقال بعنوان "الصراع الأيديولوجي ومسألة وحدة
الحركة الشيوعية": "من بين الإسهامات الهامة لماو نجد الإضافات التي أضافها
إلى المادية الجدلية والمادية التاريخية. فقد أكد خصوصا أن الوحدة والصراع بين الأضداد
هي قانون مركزي في الجدل، كما طبقه بنجاح في ميادين أخرى مثل بناء الاشتراكية والحزب،
والاقتصاد السياسي والحرب الثورية (من بين مجالات أخرى)".
هنا يدعون أن ماو
اكتشف جديدا وهو "أن الوحدة والصراع بين الأضداد هي قانون مركزي في الجدل"،
وهذا افتراء على ماو حيث أن مقولة "الوحدة في ظل التناقض والصراع بين المتناقضين"
مقولة ماركسية اكتشفها ماركس و ليس ماو.
وكما يدعون أن ماو
طبقة هذه المقولة في مجال "الاقتصاد السياسي والاشتراكية" وهذا افتراء حيث
من طور الاقتصاد السياسي حتى أصبح علما ماديا هو ماركس ولينين وليس ماو، وستالين هو
من اكتشف قانون الاقتصاد الاشتراكي وليس ماو، و الثورة الصينية لم تتجاوز حد الثورة
الديمقراطية البورجوازية.
ويضيفون أن ماو طبق
هذه القوانين على الحزب بينما لينين هو الذي وضع قوانين الحزب الثوري وطبقها ستالين.
وعن الحزب أكد لينين
: في مرحلة المد الثوري التي شكل فيها القضاء على الاستعمار والسيطرة على الحكم من
طرف البروليتاريا، هاتان المهمتان الأساسيتان للحزب البروليتاري، أصبح الحزب الماركسي
ـ اللينيني هو المنظمة الأساسية في الصراع الطبقي، يعمل على تثقيف البروليتاريا وإعدادها
للسيطرة على الحكم، وأصبح من الضروري بناء حزب ثوري باستطاعته إنجاز المهمات الجديدة،
في ظل شروط جديدة، في ظل تهيئ البروليتاريا لخوض معركة الثورة، من أجل بناء دولة ديكتاتورية
البروليتاريا.
وحدد لينين خصائص
الحزب الماركسي ـ اللينيني كما يلي :
ـ الحزب من حيث هو
فصيلة الطليعة من الطبقة العاملة.
ـ الحزب من حيث هو
فصيلة منظمة من الطبقة العاملة.
ـ الحزب من حيث هو
أعلى أشكال تنظيم البروليتاريا الطبقي.
ـ الحزب من حيث هو
أداة ديكتاتورية البروليتاريا.
ـ الحزب من حيث هو
وحدة في الإرادة لا تقبل وجود التكتلات الانقسامية.
ـ الحزب يقوى بتطهير
نفسه من العناصر الانتهازية.
وأكد مسألة أساسية
في الحزب ودوره في تنظيم الطبقة والجماهير أثناء الحرب الأهلية "نحن حزب الطبقة،
ولذلك فالطبقة كلها على وجه التقريب (أما في وقت الحرب، أي في عهد الحرب الأهلية، فالطبقة
كلها على الإطلاق) يجب أن تعمل تحت قيادة حزبنا وأن تتراص حوله أكثر ما يمكن".
وهذا الحزب هو الحزب
الماركسي ـ اللينيني الذي أسسه لينين، وهو فصيلة الطليعة الثورية للبروليتاريا متسلح
بالنظرية الثورية، ملما بقوانين الحركة الثورية، يستطيع قيادة الطبقة العاملة، لا يكون
تابعا للحركة العفوية للجماهير، بل يكون قادرا على الرفع بمستوى الجماهير لمعرفة مصالحها.
ولا يمكن للحزب أن
يقوم بهذا الدور إلا عندما يكون فصيلة الطليعة، وأكثر من ذلك فصيلة من الطبقة، جزءا
من الطبقة، باستطاعته توطيد العلاقة مع باقي الجماهير غير الحزبيين، وأن تقبل الجماهير
القيادة الحزبية.
وعن الحرب : حدد
لينين شروط استخدام قوى الثورة استراتيجياً كما يلي:
1ـ ينبغي عدم اللعب أبداً بالثورة المسلحة،
وعند البدء بها، ينبغي العلم بقوة ووضوح أن من الواجب السير بها إلى النهاية.
2ـ من الضروري حشد قوى متفوقة كثيراً على
قوى العدو، في المكان الحاسم وفي اللحظة الحاسمة، وإلا فإن العدو، وهو أحسن استعداداً
وتنظيماً، يبيد الثائرين.
3ـ حين تبدأ الثورة المسلحة ينبغي العمل
بأعظم عزيمة وحزم، والانتقال من كل بد، وبصورة مطلقة، إلى الهجوم. الدفاع هو موت الثورة
المسلحة
.
4ـ ينبغي السعي لأخذ العدو على حين غرة،
واختيار اللحظة التي تكون فيها جيوشه مبعثرة.
5ـ ينبغي الحصول على نجاحات، حتى ولو كانت
صغيرة، كل يوم (ويمكن القول كل ساعة، إذا كانت القضية تتعلق بمدينة واحدة)، والاحتفاظ،
مهما كان الثمن، بـ التفوق المعنوي.
و يمكن اعتبار اللحظة
قد حانت للمعركة الحاسمة إذا :
1ـ كانت القوى الطبقية المعادية لنا قد غرقت
بصورة كافية في الصعوبات، ومزق بعضها بعضاً إلى حد كاف، وأضعفت نفسها إلى درجة كافية،
بنضال هو فوق طاقتها.
2ـ كانت جميع العناصر المتوسطة، المترددة،
المتخاذلة، المترجرجة ـ أي البرجوازية الصغيرة، الديمقراطية البرجوازية الصغيرة، بوصفها
مختلفة عن البرجوازية ـ قد انفضحت بصورة كافية أمام الشعب، واكتسبت الخزي والعار بإفلاسها
العملي.
3ـ بدأت في صفوف البروليتاريا، وأخذت ترتفع
بقوة، حالة فكرية جماهيرية لتأييد أشد الأعمال حزماً وعزماً وجرأة ثورية، ضد البرجوازية.
عندها تكون الثورة قد نضجت.
وعندها، إذا أخذنا
بعين الاعتبار جميع الشروط المذكورة أعلاه... وإذا اخترنا للحظة اختياراً صحيحاً. يكون
انتصارنا مضموناً.
ولا بد للحركة الثورية
من القيادة التكتيكية التي تعتبر ضرورية لإنجاز مهما القيادة الاستراتيجية، وهي التي
تعمل على تيسير عمل البروليتاريا في كل مرحلة من مراحل الثورة، من حيث هي أداة لضبط
السير النضالي والتنظيمي للطبقة العاملة وضبط أشكالها ومهماتها، و"القيادة التكتيكية
هي جزء من القيادة الاستراتيجية، خاضع لمهماتها ومقتضياتها"، علاقتها في إنجاز
المهام الثورية و"مهمة القيادة التكتيكية هي هضم جميع أشكال نضال البروليتاريا
وأشكال تنظيمها وتأمين استخدامها الصحيح للحصول، ضمن نسبة معينة بين القوى، على الحد
الأقصى من النتائج، الضروري لتهيئة النجاح الاستراتيجي".
و حدد لينين عمل
القيادة التكتيكية ومهامها في نقطتين أساسيتين :
ـ أولاً: أن توضع،
في المقام الأول، أشكال النضال والتنظيم التي من شأنها، لكونها ملائمة أحسن من غيرها
لشروط المد أو الجزر في الحركة، أن تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية،
تسيير الجماهير الغفيرة نحو جبهة الثورة، وتوزيعها على جبهة الثورة.
ـ ثانياً: في كل
لحظة معينة، العثور في سلسلة التطورات، على الحلقة الخاصة التي يسمح الإمساك بها، بالتمكن
من كل السلسلة وتهيئة الشروط للنجاح الاستراتيجي.
أما مقولتهم
"هل الواحد ينقسم إلى اثنان أم اثنان يندمجان في واحد؟" فهي مشوبة بكثير
من التشويش حيث لم يفهموا معنى الواحد ينقسم إلى اثنين الذي يعارضونه باثنان يندمجان
في واحد، وهم يقومون بقلب الجدل دون وعي ولا علم ويتكلمون عن الوحدة في ظل التناقض
وأن الواحد يشمل متناقضان أساسيان بينما هذين الاثنين كليهما يشكلان وحدة في ظل التناقض
في الواحد. ويدعون أن هذا من اكتشافات ماو التي يسمونها المستوى الأعلى من الديالكتيك.
وللمزيد من كشف الخلط
الذي وقعوا فيه والناتج عن منطلقاتهم المثالية الذاتية حول المستوى الأعلى في الديالكتيك،
والذي من خلاله يحملون فكر ماو ما لا طاقة له به محاولين تفسير التناقض بين ماو وخروتشوف
بالصراع الفلسفي في قولهم : "...«التحليل يتلخص في العبارة “الواحد ينقسم إلى
اثنان”، بينما التركيب يعني السيرورة التي تؤدي إلى أن “اثنان يندمجان في واحد”». للتأكيد
أن الصراع ضد التحريفية يجري سواء داخل الصين أو على الصعيد العالمي، دحض ماو بشدة
هذه الأطروحة. وأعاد التأكيد إذن على أن:« كل الأشياء، كل الظواهر تستجيب لمبدأ “الواحد
ينقسم إلى اثنان”» :«في المجتمع البشري كما في الطبيعة الكل ينقسم دائما إلى أجزاء،
فقط المضمون والشكل يتغير حسب الظروف.» («مداخلة في المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني
حول عمل الدعاية.»، المؤلفات المختارة، الجزء الخامس، طبعات اللغات الأجنبية، بيكين،ص.470
) أثناء الثورة الثقافية".
وهنا يريدون تحميل
فكر ماو ما ليس باستطاعته تحميله نظرا لكونهم لم يطلعوا حتى على أقوال ماو الذي يقول
عن موضوع الواحد والاثنين: "خلال تاريخ المعرفة البشريَّة كله كانت هُناك وجهتا
نظر حول قوانين تطوُّر العالم، هما وجهة النَّظر الميتافيزيقيّة ووجهة النَّظر الدِّيالكتيكيّة
اللَّتان تُشكلان نظرتين متضادتين إلى العالم. ويقول لينين: "إن وجهتي النَّظر
الأساسيّتين (أو الممكنتين؟ أو المُشاهدتين تاريخياً؟) عن التطوُّر (الارتقاء) هما:
التطوُّر كنقصان وازدياد، كتكرار؛ والتطوُّر كوحدة الضدَّين (انقسام الواحد إلى ضدَّين
متعارضين تربط بينهما علاقة متبادلة)". إن ما يعنيه لينين هنا هو هاتان النَّظرتان
المُختلفتان إلى العالم." ماو، نظرات إلى العالم.
إن ما دفعهم إلى
الافتراء على ماو هو كونهم يجهلون الماركسية اللينينية وهم يرغبون في الاختلاف عن الحركة
الماركسية اللينينية المغربية بعدما أضافوا لها كلمة "الماوية".
واستنتج لينين عبر
نقده للمذهب النقدي التجريبي منظوره حول الديالكتيك الماركسي الذي أعطاه بعدا أدق وأشمل،
بتحديد أسس "الحركة الذاتية" عبر:
ـ إن ازدواج ما هو
واحد ومعرفة جزأيه المتناقضين يشكلان جوهر الديالكتيك.
ـ إن تماثل الأضداد
هو إقرار بميول متناقضة، متضادة، ينفي بعضها بعضا في جميع ظاهرات الطبيعة والمجتمع
وتفاعلاتها.
ـ إن إدراك
"الحركة الذاتية" لتفاعلات العالم، من حيث تطورها العفوي، من حيث واقعها
الحي، ينبغي إدراكها من حيث هي وحدة من الأضداد، ويعطينا التاريخ مفهومين أساسيين للتطور:
ـ إن التطور هو نضال
الأضداد، التطور بوصفه نقصانا وزيادة، بوصفه تكرارا.(المفهوم الأول)
ـ إن التطور بوصفه
وحدة الأضداد (ازدواج ما هو واحد، إلى ضدين ينفي أحدهما الآخر، وعلاقات بين الضدين).
(المفهوم الثاني)
ـ المفهوم الأول
جامد، عقيم، جاف، والمفهوم الثاني طافح بالنشاط والحياة، وهو يعطينا مفتاح "الحركة
الذاتية" لكل ما هو موجود (القفزات، الانقطاع في الاستمرار، تحول الشيء إلى ضده،
تدمير ما هو قديم، ولادة ما هو جديد).
ـ إن وحدة الأضداد
مشروطة، مؤقتة، نسبية، ونضال الأضداد التي ينفي بعضها بعضا، هو مطلق، كما هو عليه التطور،
كما هو عليه الحركة.
و يقول لينين عن
النسبية والمطلق : "إن الذاتية (الريبية والسفسطائية، إلخ) تختلف عن الديالكتيك،
فيما تختلف عنه، بما يلي :
ـ إن الفرق بين النسبي
والمطلق هو أيضا نسبي بنظر الديالكتيك (الموضوعي(.
ـ بنظر الديالكتيك
الموضوعي يوجد مطلق في النسبي.
ـ بنظر الذاتية والسفسطائية،
فالنسبي ليس سوى نسبي، وهو ضد المطلق".
و أكد لينين أن ماركس
تناول في كتابه "رأس المال" أدق الجزئيات في الحركة داخل المجتمعات الرأسمالية،
أبسط الأشياء، الأشياء العادية، أكثرها شيوعا، الأشياء الأساسية، تبادل البضائع، وقام
بتحليلها وبين لنا "في هذه الظاهرة البسيطة جميع تناقضات المجتمع المعاصر"،
وكذلك يجب أن يكون الديالكتيك بشكل عام في تناوله لجميع القضايا، تناول أبسط الجمل
العادية، وأكثرها تواترا، لكن المادية "الميتافيزيقية" تعجز عن تطبيق الديالكتيك
"على مجرى المعرفة وتطورها" كما قامت بذلك المادية التاريخية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
الصراع الأيديولوجي
و مسألة وحدة الحركة الشيوعية، طريق الثورة، الحوار المتمدن عدد: 2675 بتاريخ
12/06/2009.
لينين، المادية والمذهب
النقدي التجريبي.
ستالين، أسس اللينينية.
ستالين، المادية
الديالكتيكية والمادية التاريخية.
ماو، نظرات إلى العالم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire